كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **


تنبيه‏:‏ ذهب الصوفية إلى أن هذا السفر ليس هو المعهود بل المأمور به السفر بالفكر والعمل والاعتبار والمسافر هو الذي أسفر له سلوكه عن أمور مقصودة له وغير مقصودة والمسافر في الطريق اثنان مسافر يفكر في المعقولات والاعتبار ومسافر بالأعمال وهم أصحاب اليعملات فمن أسفر له طريقه عن شيء فهو مسافر ومن لا فهو مسافر متصرف في طريق مدينة وشوارعها غير مسافر فالمسافر من سافر بفكره في طلب الآيات والدلالات على وجود الصانع فلم يجد في سفره دليلاً سوى إمكانه وأنه ليست نسبة الوجود إليه أولى من نسبة العدم فافتقر إلى مرجح فلما وصل إلى هذه المنزلة وقطع هذه المهلة وأسفرت عن وجوه مرجحة أحدث سفراً آخر فيما ينبغي للصانع الذي أوجده فأسفر له الدليل على تفرد هذا المرجح بأنه واجب الوجود لنفسه لا يجوز عليه ما جاز على الممكن من الافتقار ثم انتقل مسافراً إلى منزل آخر فأسفر له أن واجب الوجود يستحيل عدمه لثبوت قدمه إذ لو انعدم لم يكن واجب الوجود لنفسه ثم سافر إلى أن ينفي عنه كل ما يدل على حدوثه ثم يسافر في علم الوجود بوجود العالم وبقائه وصلاحه إذ لو كان معه إله آخر لم يوجد العالم بفرض الاتفاق والاختلاف كما يعطيه النظر ثم يسافر إلى منزلة يعطيه العلم بما أوجده وخلقه والإرادة لذلك ونفوذها وعدم قصورها وعموم تعلق قدرته بإيجاد هذا الممكن وحياة هذا المرجح لأنها شرط ثبوت هذه النعوت له وإثبات صفات الكمال من كلام وسمع وبصر ثم يسافر إلى منزلة تسفر له عن إمكان بعثة الرسل وأنه بعث رسلاً وأقام الأدلة على صدقهم فيما ادعوه ولما كان هو ممن بعث إليه الرسول وآمن به واتبعه في مواسمه حتى أحبه اللّه فكشف عن قلبه وطالع عجائب الملكوت وانتقش في نفسه جميع ما في العالم وفرَّ إلى اللّه مسافراً من كل ما يبعده منه ويحجبه عنه إلى أن رآه في كل شيء أراد أن يلقي عصا التسيار فعرفه ربه أن الأمر لا نهاية له وأنه لا يزال مسافراً إلى منزلة تسمى بالموت ثم لا يزال مسافراً حتى يقطع منازل البرزخ إلى أن يصل إلى منزلة بالبعث فيركب مركباً شريفاً يحمله إلى دار سعادته فيصح صحة ‏[‏ص 82‏]‏ الآبق‏.‏

- ‏(‏ابن السني وأبو نعيم‏)‏ كلاهما ‏(‏في‏)‏ كتاب ‏(‏الطب‏)‏ النبوي ‏(‏عن أبي سعيد‏)‏ الخدري‏.‏

4625 - ‏(‏سافروا تصحوا وتغنموا ‏[‏ فإن السفر قد يكون أنفع من التنفل أو يضاهيه لأن المنفل سائر إلى اللّه من مواطن الغفلات إلى محال القربات والمسافر يقطع المسافات والتقلب في المفاوز والفلوات بحسن النية إلى اللّه سائر إليه لمراغمة الهوى ومهاجرة ملاذ الدنيا‏.‏‏]‏‏)‏ قال البيهقي‏:‏ دل به على ما فيه سبب الغنى، ومما عزي للشافعي‏:‏

تغرَّب عن الأوطان في طلب العلا * وسافر ففي الأسفار خمس فوائد

تفرّج هم واكتساب معيشة * وعلم وآداب وصحبة ماجد

وقد خص الإنسان بالقوى الثلاث ليسعى في مناكب الأرض بما تفيده السعاية وترفعه من الذل إلى العز ومن الفقر إلى الغنى ومن الضعة إلى الرفعة ومن الخمول إلى النباهة‏.‏

- ‏(‏هق‏)‏ عن بسطام بن حبيب ثنا القاسم بن عبد الرحمن عن أبي حازم ‏(‏عن ابن عباس‏)‏ مرفوعاً ‏(‏الشيرازي في‏)‏ كتاب ‏(‏الألقاب طس وأبو نعيم في‏)‏ كتاب ‏(‏الطب‏)‏ النبوي ‏(‏والقضاعي‏)‏ في مسند الشهاب ‏(‏عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب ثم قال الطبراني‏:‏ لم يروه عن ابن دينار إلا محمد بن رواد وقال البيهقي‏:‏ رواه محمد بن عبد الرحمن بن رواد عن عبد اللّه بن دينار عن ابن عمر اهـ قال في المهذب‏:‏ ابن رواد واه اهـ وفي الميزان عن الأزدي لا يكتب حديثه ثم أورد له هذا الخبر اهـ وقد علمت أن رواداً تفرد به فالحديث لأجله شديد الضعف‏.‏

4626 - ‏(‏سافروا تصحوا وترزقوا‏)‏ ومن ثمة قيل‏:‏ شمر ذيلا وأدرع ليلا فمن لزم القرار ضاجع الصغار وقيل‏:‏ السيف إن قر في الغمد صدىء وقيل‏:‏ إن لزوم قفر البيوت موت وإن السير في الأرض النشور قال الراغب‏:‏ وإذا تأملت هذا الحديث ونظرت إليه نظراً عالياً علمت أنه حثك على التحرك الذي يثمر لك جنة المأوى ومصاحبة الملأ الأعلى بل مجاورة اللّه تعالى وذلك يحتاج إلى أربعة أمور معرفة المقصود المشار إليه بقوله ‏{‏توبوا إلى الله جميعاً‏}‏ ومعرفة الطريق المشار إليه بقوله ‏{‏قل هذه سبيلي‏}‏ وتحصيل الزاد المبلغ المشار إليه بقوله ‏{‏وتزوّدوا‏}‏ والمجاهدة في الوصول إليه كما قال ‏{‏وجاهدوا في اللّه حق جهاده‏}‏ قال الفقيه عيسى الحضرمي‏:‏ عرض عليّ في بعض الأحوال في غيبة وليس بنوم كتاب وإذا أوّله سافروا عن أوطان النفوس إلى حضرة الملك القدوس تصحوا من سقام كيف ولم وهلا وإلا ولولا انتهى‏.‏

- ‏(‏عب عن محمد بن عبد الرحمن مرسلاً‏)‏‏.‏

4627 - ‏(‏سافروا تصحوا واغزوا تستغنوا‏)‏ قرنه بالغزو يعرفك أن المراد بالسفر في هذا وما قبله من الأخبار سفر الجهاد ونحوه من كل سفر واجب فلا يناقضه ما سيجيء في خبر السفر قطعة من العذاب مما ظاهره التزهيد فيه على أن ذلك إنما خرج بياناً لما يلقاه المسافر من مشاق السفر ومتاعبه‏.‏

تنبيه‏:‏ قال الغزالي‏:‏ السفر سفران سفر بالظاهر وسفر بالباطن إلى اللّه وأشير إليه بقوله ‏{‏إني ذاهب إلى ربي‏}‏ وإليهما بقوله ‏{‏سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم‏}‏ والثاني أعظم لأن صاحبه يتنزه أبداً ‏{‏وجنة عرضها السماوات والأرض‏}‏ وينزل منازلاً لا يضيق بكثرة الواردين‏.‏

- ‏(‏حم عن أبي هريرة‏)‏‏.‏

4628 - ‏(‏سافروا مع ذوي الجد وذوي الميسرة‏)‏ لأن السفر يظهر خبايا الطبائع وكوامن الأخلاق وخفايا السجايا إذ ‏[‏ص 83‏]‏ الأبدان إذا تعبت ضعفت القوة المختلفة في القلة والكثرة لكون الطبائع تبعثها وتبين مقاديرها وزيادة بعضها ونقصان بعض فتظهر محاسن الأخلاق ومساوئها لأنها تميز الطبائع من القوة والقوى من الأحوال والسفر يأتي على مختلف الأهوية والأغذية فمن سافر مع أهل الجد والاحتشام يكلف رعاية الأدب وتحمل الأذى وموافقتهم بما يخالف طبعه فيكون ذلك تأديباً له ورياضة لنفسه فيتهذب لذلك ويهتدي إلى تجنب مساوئ الأخلاق واكتساب محاسنها وأما من سافر مع من دونه فكل من معه يحمل نفسه على موافقته ويتحمل المكاره لطاعته فتحسن أخلاقهم وربما يسوء خلقه فإن حسن الخلق في تحمل المكاره‏.‏

- ‏(‏فر عن معاذ‏)‏ بن جبل وفيه إسماعيل بن زياد فإن كان الشامي فقد قال الذهبي عن الدارقطني ممن يضع أو الشفري فقال ابن معين كذاب أو السكوني فجزم الذهبي بأنه كذاب كما سبق‏.‏

4629 - ‏(‏ساقي القوم آخرهم‏)‏ أي شراباً كما في الخبر الآتي وهذا في آداب ساقي الماء ونحوه كلبن ومثله ما يفرق على جمع من مأكول أو مشموم فيكون المفرق آخرهم تناولاً لنفسه قال ابن العربي‏:‏ وهذا أمر ثابت مادة وشرعاً وحكمته ندب الإيثار فلما صار في يده ندب له أن يقدم غيره لما فيه من كريم الأخلاق وشرف السليقة وعزة القناعة وقال الزين العراقي فيه أن الذي يباشر سقي الماء أو غيره يكون شربه بعد الجماعة كلهم لأن الإناء بيده فلا ينبغي أن يعجل خلافاً لما يعتاده الملوك والأمراء من شرب الساقي قبل خشية أن يكون فيه سم وفي مسند البزار أن المصطفى صلى اللّه عليه وسلم بعد أكله من شاة خيبر لم يتناول مما أحضره له أهل بيته شيئاً حتى يؤكل منه فرعاية السنة أولى ممن لم يخف على نفسه وهل المراد بساقي القوم من يناوله للشاربين أو المالك الظاهر الأول‏.‏

- ‏(‏حم تخ د عن عبد اللّه بن أبي أوفى‏)‏ رمز المصنف لصحته ورواه مسلم في الصلاة مطولاً والترمذي وابن ماجه كما هنا في الأشربة والنسائي في الوليمة فما أوهمه صنيع المصنف من تفرد أبي داود به عن الستة غير جيد‏.‏

4630 - ‏(‏ساقي القوم آخرهم شرباً‏)‏ لان ذلك أبلغ للقيام بحق الخدمة وأحفظ للهمة وأحرز للسيادة فيبدأ بسقي كبير القوم ثم من عن يمينه واحداً بعد واحد ثم يسقي ما بقي منهم ثم يشرب قال في البحر‏:‏ أشار بهذا الخبر وما قبله إلى أن كل من ولي شيئاً من أمور الناس يجب عليه تقديم مصلحتهم على حظ نفسه والنصح لهم في جليل الأمور ودقيقها فمنهم السلاطين المتقلدون لأعباء الأمة الحامون للبيعة والعلماء الحافظون للشريعة المعلمون الدين والتجار الذين يتولون منافع أبدانهم وأصحاب الحرف الذين يعاونونهم والواجب على السلطان الذب عنهم والنصح لهم وعلى العلماء تعليم الجهال برفق ونصح وصبر على تعليم البليد وتفريغ وقتهم ونشاطهم لذلك ولا يكثر عليهم فيملوا ولا يغلظ فينفروا ولا يريدوا به شيئاً من عرض الدنيا‏.‏

- ‏(‏ت ه عن أبي قتادة‏)‏ ثم قال الترمذي‏:‏ حسن صحيح ‏(‏طس والقضاعي‏)‏ كلاهما من حديث ثابت البناني ‏(‏عن المغيرة‏)‏ بن شعبة‏.‏ قال الزين العراقي‏:‏ وثابت لا أعرف له سماعاً من المغيرة‏.‏

4631 - ‏(‏سام أبو العرب وحام أبو الحبش ويافث أبو الروم‏)‏ والثلاثة أولاد نوح لصلبه وفي رواية لابن عساكر عن أبي هريرة سام أبو العرب وفارس والروم وأهل مصر والشام ويافث أبو الخزرج ويأجوج ومأجوج وأما حام فأبو هذه الجلدة السوداء وقال ابن جرير‏:‏ روي أن نوحاً دعا لسام أن يكون الأنبياء من ولده ودعا ليافث أن يكون الملوك من ولده ودعا على حام بأن يتغير لونه ويكون ولده عبيداً وأنه رق عليه بعد ذلك فدعا له بأن يرزق الرأفة من أخويه قال المصنف في الساجعة‏:‏ وسام قيل إنه نبي وولده أرفخشذ صديق وقد أدرك جده نوحاً ودعا له وكان في خدمته نعم الرفيق‏.‏

- ‏(‏حم ت ك عن سمرة‏)‏ بن جندب قال الزين العراقي في القرب في محبة العرب‏:‏ هذا حديث حسن وقال الديلمي‏:‏ وفي الباب عمران بن حصين‏.‏

‏[‏ص 84‏]‏ 4632 - ‏(‏ساووا بين أولادكم في العطية‏)‏ أي الهبة ونحوها الكبير والصغير والذكر والأنثى ‏(‏فلو كنت مفضلاً أحداً لفضلت النساء‏)‏ احتج به الحنابلة على أنه لو فضل بين أولاده في العطية أساء وأمر بالارتجاع‏.‏

- ‏(‏طب خط وابن عساكر‏)‏ في ترجمة عباد بن موسى ‏(‏عن ابن عباس‏)‏ قال الذهبي‏:‏ فيه إسماعيل بن عياش وشيخه ضعيفان‏.‏

4633 - ‏(‏سباب‏)‏ بكسر السين والتخفيف ‏[‏ مصدر سب وهو أبلغ من السب فإن السب شتم الإنسان والتكلم في عرضه بما يعيبه والسباب أن يقول فيه بما فيه وما ليس فيه‏.‏‏]‏ ‏(‏المسلم‏)‏ أي سبه وشتمه يعني التكلم في عرضه بما يعيبه وهو مضاف إلى المفعول ‏(‏فسوق‏)‏ أي خروج عن طاعة اللّه ورسوله ولفظه يقتضي كونه من اثنين قال النووي‏:‏ فيحرم سب المسلم بغير سبب شرعي قال‏:‏ ومن الألفاظ المذمومة المستعملة عادة قوله لمن يخاصمه يا حمار يا كلب ونحو ذلك فهذا قبيح لأنه كذب وإيذاء بخلاف قوله يا ظالم ونحو ذلك فإن ذلك يتسامح به لضرورة المخاصمة مع أنه صدق غالباً فقلَّ إنسان إلا وهو ظالم لنفسه ولغيرها ‏(‏وقتاله‏)‏ أي محاربته لأجل الإسلام ‏(‏كفر‏)‏ حقيقة أو ذكره للتهديد وتعظيم الوعيد أو المراد الكفر اللغوي وهو الجحد أو هضم أخوة الإيمان قال الحافظ ابن حجر‏:‏ لما كان المقام مقام الرد على المرجئة اهتم لذلك وبالغ في الزجر معرضاً عما يقتضيه ظاهره من تقوية مذهب الخوارج المكفرين بالذنب اعتماداً على ما تقرر من دفعه في محله اهـ وتقدمه لنحوه ابن العربي فقال‏:‏ قال الخوارج‏:‏ لما غاير المصطفى صلى اللّه عليه وسلم بينهما وجعل القتال كفراً كان يكفر بقتاله قلنا‏:‏ فيلزمكم كونه كافراً بفسوقه فالتزموه وقد بينا في الأصول بطلانه وإنما فائدة خبر المصطفى صلى اللّه عليه وسلم إن الفسوق خفيف لجريانه عادة بين الناس ولا يتعدى صورته إلى المشاهدة والحس والقتال إنما يجري عند اختلاف الدين فإذا فعلوه كان كفعل الكفار وربما جر لسوء الخاتمة لهتك الحرمة فيكون من أهل النار‏.‏

- ‏(‏حم ق‏)‏ في الإيمان ‏(‏ت‏)‏ في البر ‏(‏ن‏)‏ في المحاربة ‏(‏ه عن ابن مسعود ه عن أبي هريرة وعن سعد‏)‏ بن أبي وقاص ‏(‏طب عن عبد اللّه بن مغفل‏)‏ وفيه عند الطبراني كثير بن يحيى وهو ضعيف ذكره الهيثمي ‏(‏وعن عمرو بن مقرن‏)‏ بضم الميم وفتح القاف وشدة الراء مكسورة ونون ‏(‏قط في الأفراد عن جابر‏)‏‏.‏

4634 - ‏(‏سباب المسلم‏)‏ بكسر السين مصدر سب سباً وسباباً شتم وفسره الراغب بالشتم الوجيع ‏(‏فسوق‏)‏ أي مسقط للعدالة والمرتبة وفيه تعظيم حق المسلم والحكم على من سبه بالفسق وأن الإيمان ينقص ويزيد لأن السلب إذا فسق نقص إيمانه وخرج عن الطاعة فضره ذنبه لا كما زعم المرجئة أنه لا يضر مع التوحيد ذنب ‏(‏وقتاله‏)‏ مقاتلته ‏(‏كفر‏)‏ لما كان القتال أشد من السباب لإفضائه إلى إزهاق الروح عبر عنه بلفظ أشق من لفظ الفسق وهو الكفر ولم يرد حقيقته التي هي الخروج من الملة وأطلق عليه الكفر مبالغة في التحذير معتمداً على ما تقرر من القواعد أو أراد إن كان مستحلاً أو أن قتال المؤمن من شأن الكافر ‏(‏وحرمة ماله كحرمة دمه‏)‏ أي كما حرم اللّه قتله حرم أخذ ماله بغير حق كما في خبر كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه فإذا قاتله فقد كفر ذلك الحق فإن حمل الكفر على ظاهره تعين تأويله‏.‏

- ‏(‏طب عن ابن مسعود‏)‏ قال‏:‏ انتهى النبي صلى اللّه عليه وسلم إلى مجلس للأنصار ورجل فيهم كان يعرف بالبذاءة فذكره ‏[‏ص 85‏]‏ رمز المصنف لصحته وهو كما قال‏.‏ قال الهيثمي‏:‏ رجاله رجال الصحيح اهـ‏.‏

4635 - ‏(‏سبحان اللّه نصف الميزان‏)‏ أي يملأ ثوابها كفة الميزان ‏(‏والحمد للّه تملأ الميزان‏)‏ بأن تأخذ الكفة الأخرى وقد يراد تفضل الحمد على التسبيح وأن ثوابه ضعف ثوابه التسبيح ‏(‏واللّه أكبر تملأ ما بين السماء والأرض‏)‏ أي لو قدر ثواب التكبير جسماً لملأه ‏(‏والطهور نضف الإيمان والصوم نصف الصبر‏)‏ كما سبق توجيهه موضحاً‏.‏

- ‏(‏حم هب عن رجل من بني سليم‏)‏ من الصحابة وإبهامه لا يضر فإنهم كلهم عدول رمز المصنف لصحته‏.‏

4636 - ‏(‏سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلا اللّه واللّه أكبر في ذنب‏)‏ الإنسان ‏(‏المسلم مثل الآكلة في جنب ابن آدم‏)‏ لكن إنما تكون كذلك إذا حصلت معانيها في القلب أما مجرد تحريك اللسان بها مع الغفلة عن معناها فليس من المكفرات في شيء كما أشار إليه حجة الإسلام ‏(‏ابن السني عن ابن عباس‏)‏ رمز المصنف لحسنه ورواه عنه الديلمي أيضاً‏.‏

4637 - ‏(‏سبحان اللّه نصف الميزان والحمد للّه ملء الميزان واللّه أكبر ملء السماوات والأرض ولا إله إلا اللّه ليس دونها ستر ولا حجاب حتى تخلص إلى ربها عز وجل‏)‏ أي تصل إليه قال الطيبي‏:‏ هو كناية عن سرعة قبولها وكثرة ثوابها كما سبق قيل‏:‏ وكمال الثواب إنما هو بتجنب الكبائر فإن الثواب يحصل لقائلها وإن لم يجتنبها لكن الثواب المجتنب أكمل فإن السيئة لا تحبط الحسنة بل تذهب الحسنة السيئة ‏{‏إن الحسنات يذهبن السيئات‏}‏‏.‏

- ‏(‏السجزي في‏)‏ كتاب ‏(‏الإبانة‏)‏ عن أصول الديانة ‏(‏عن ابن عمرو‏)‏ بن العاص و ‏(‏ابن عساكر‏)‏ في التاريخ ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏‏.‏

4638 - ‏(‏سبحان اللّه‏)‏ بالنصب بفعل لازم الحذف قاله تعجباً واستعظاماً ‏(‏ماذا‏)‏ استفهام ضمن معنى التفخيم والتعجب والتعظيم ويحتمل كون ما نكرة موصوفة ‏(‏أنزل‏)‏ بهمزة مضمومة ‏(‏الليلة‏)‏ في رواية أنزل اللّه والمراد بالإنزال إعلام الملائكة بالأمر المقدور أو أوحى إليه في منام أو يقظة ما سيقع كذا قاله جمع قال ابن جماعة‏:‏ وهو وإن كان صحيحاً فبعيد من قوله‏:‏ ‏(‏من الفتن‏)‏ عبر عن العذاب بالفتن لأنها أسبابه أو على المنافقين ونحوهم أو أراد بالفتن الجزئية القريبة المأخذ كفتنة الرجل في أهله وماله تكفرها الصلاة أو ما أنزل من مقدمات الفتن والملجئ إلى هذا التأويل إنه لا فتنة مع حياة المصطفى صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم وقد قال تعالى ‏{‏وأتممت عليكم نعمتي‏}‏ وفي إتمام النعمة سد باب الفتنة الذي لم تفتح إلا بقتل عمر ‏(‏وماذا فتح من الخزائن‏)‏ خزائن الأعطية أو الأقضية التي أفيض منها تلك الليلة على المتهجدين ونحوهم يرشد لذلك قوله ‏(‏أيقظوا‏)‏ بفتح الهمزة نبهوا للتهجد كما تشير إليه رواية لكي يصلين قال الكرماني‏:‏ ويجوز كسر الهمزة أي انتبهوا وقوله ‏(‏صواحب‏)‏ منادى لو صحت الرواية به قال الطيبي‏:‏ عبر عن ‏[‏ص 86‏]‏ الرحمة بالخزائن لكثرتها وعزتها وعن العذاب بالفتن لأنها أسباب مؤدية إليه وجمعهما لكثرتهما وسعتهما ‏(‏الحجر‏)‏ بضم الحاء المهملة وفتح الجيم وفي رواية صواحبات الحجر وفي رواية الحجرات وهي أزواجه ليحصل لهن حظ من تلك الرحمات المنزلة تلك الليلة، خصهن لأنهن الحاضرات أو من قبيل ابدأ بنفسك ثم بمن تعول وقال ابن العربي‏:‏ كأنه أخبر بأن بعضهن ستكون فيهن فأمر بإيقاظهن تخصيصاً لذلك ‏(‏فرب نفس‏)‏ وفي رواية يا رب أي يا قوم رب نفس ورب هنا للتكثير وإن كان أصلها للتقليل ‏(‏كاسية في الدنيا‏)‏ من أنواع الثياب ‏(‏عارية‏)‏ بجره صفة كاسية ورفعه خبر مبتدأ محذوف أي هي عارية من أنواع الثياب ‏(‏في الآخرة‏)‏ لعدم العمل وقيل‏:‏ عارية في شكر المنعم قال الطيبي‏:‏ أثبت لهن الكسوة ثم نفاها لأن حقيقة الاكتساء ستر العورة أي الحسية أو المعنوية فما لم يتحقق الستر فكأنه لا اكتساء فهو من قبيل قوله‏:‏

خلقوا وما خلقوا بمكرمة * فكأنهم خلقوا وما خلقوا

وهذا وإن ورد على أزواج المصطفى صلى اللّه عليه وسلم فالعبرة بعموم اللفظ ونبه بأمرهن بالاستيقاظ على أنه لا ينبغي لهن التكاسل والاعتماد على كونهن أزواجه ‏{‏فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون‏}‏ وفيه ندب التسبيح عند الانتباه وعند التعجب ونشر العلم والتذكير بالليل وأن الصلاة تنجي من الفتن وتعصم من المحن والتحذير من نسيان شكر المنعم وعدم الاتكال على شرف الزوج وذم التبرج وإظهار الزينة للأجانب والترفه الزائد‏.‏

- ‏(‏حم خ ت‏)‏ في كتاب العلم ‏(‏عن أم سلمة‏)‏ بفتح السين واللام زوج المصطفى صلى اللّه عليه وسلم واسمها هند قالت‏:‏ استيقظ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ليلة فزعاً فذكره ولم يخرجه مسلم‏.‏

4639 - ‏(‏سبحان اللّه‏!‏‏!‏ أين الليل إذا جاء النهار‏)‏ قالوا‏:‏ كتب هرقل إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم تدعوني إلى جنة عرضها السماوات والأرض فأين النار فذكره قال تعالى ‏{‏يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل‏}‏ وقال في الكشاف‏:‏ معنى إيلاج أحدهما في الآخر تحصيل ظلمة هذا في مكان ضياء هذا بغيبوبة الشمس وضياء ذلك في مكان ظلمة هذا بطلوعها كما يضيء السرب بالسراج ويظلم بفقده‏.‏

- ‏(‏حم عن التنوخي‏)‏ بفتح المثناة الفوقية وضم النون المخففة وخاء معجمة نسبة إلى تنوخ قبيلة‏.‏

4640 - ‏(‏سبحوا‏)‏ أيها المصلون ‏(‏ثلاث تسبيحات ركوعاً‏)‏ أي قولوا في الركوع سبحان ربي العظيم وبحمده ثلاثاً ‏(‏وثلاث تسبيحات سجوداً‏)‏ أي قولوا في السجود سبحان ربي الأعلى وبحمده ثلاثاً كما بينته رواية أبي داود وهذا أدنى الكمال وأكمل منه خمس فسبع فتسع فإحدى عشرة وهو الأكمل والأمر للندب لا للوجوب‏.‏

- ‏(‏هق عن محمد بن عليّ‏)‏ بن أبي طالب وهو ابن الحنفية ‏(‏مرسلاً‏)‏‏.‏

4641 - ‏(‏سبحي اللّه عشراً‏)‏ أي قولي سبحان اللّه عشراً واحمدي اللّه عشراً أي قولي الحمد للّه عشراً وكبري اللّه عشراً أي قولي اللّه أكبر كذلك ‏(‏ثم سلي اللّه ما شئت‏)‏ من خير الدنيا والآخرة ‏(‏فإنه يقول قد فعلت قد فعلت‏)‏ قال الغزالي‏:‏ لا تظن أن الإجابة الموعودة بإزاء تحريك اللسان بهذه الكلمات من غير حصول معانيها في القلب فسبحان اللّه كلمة تدل على التقديس والحمد للّه تدل على معرفة النعمة من الواحد الحق والتكبير يدل على التعظيم فالإجابة بإزاء هذه المعارف التي هي أبواب الإيمان واليقين وفيه جواز العد والإحصاء للأذكار ورد على من كره ذلك وظاهره بأنه يسبح عشراً ويحمد عشراً ويكبر عشراً وهو أولى من أن يأتي بها مجموعة بأن يقول سبحان اللّه والحمد للّه واللّه أكبر عشراً على ما سلكه بعضهم ويقال بمثله في خبر من سبح اللّه في دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين تسبيحة وحمد اللّه ثلاثاً وثلاثين تحميدة إلخ‏.‏

- ‏(‏حم ت حب ن ك عن أنس‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ إسناده حسن‏.‏

‏[‏ص 87‏]‏ 4642 - ‏(‏سبحي اللّه مئة تسبيحة‏)‏ أي قولي سبحان اللّه مئة مرة ‏(‏فإنها تعدل لك مئة رقبة‏)‏ أي عتق مئة إنسان ‏(‏من ولد‏)‏ بضم فسكون وقد يكون جمعاً كأسد وواحداً كقفل ‏(‏إسماعيل‏)‏ بن إبراهيم الخليل على نبينا وعليهما الصلاة والسلام وهذا تتميم ومبالغة في معنى العتق لأن فك الرقبة أعظم مطلوب وكونه من عنصر إسماعيل الذي هو أشرف الناس نسباً أعظم وأمثل ‏(‏واحمدي اللّه مئة تحميدة‏)‏ أي قولي الحمد للّه مئة مرة ‏(‏فإنها تعدل لك مئة فرس مسرجة ملجمة تحملين عليها‏)‏ الغزاة ‏(‏في سبيل اللّه‏)‏ لقتال أعداء اللّه ‏(‏وكبري اللّه مئة تكبيرة‏)‏ أي قولي اللّه أكبر مئة مرة ‏(‏فإنها تعدل لك مئة بدنة‏)‏ أي ناقة ‏(‏متقبلة‏)‏ أي أهديتيها وقبلها اللّه وأثابك عليها فثواب التكبير يعدل ثوابها أي موازنة ‏(‏وهللي اللّه مئة تهليلة‏)‏ أي قولي لا إله إلا اللّه مئة مرة والعرب إذا كثر استعمالهم لكلمتين ضموا بعض حروف إحداهما إلى بعض حروف الأخرى كالحوفلة والبسملة مأخوذ من لا إله إلا اللّه يقال هيلل الرجل وهلل إذا قالها ‏(‏فإنها تملأ ما بين السماء والأرض‏)‏ يعني أن ثوابها لو جسم لملأ ذلك الفضاء ‏(‏ولا يرفع‏)‏ بالبناء للمفعول ‏(‏يومئذ لأحد عمل أفضل منها‏)‏ أي أكثر ثواباً ‏(‏إلا أن يأتي‏)‏ إنسان ‏(‏بمثل ما أتيت‏)‏ به فإنه يرفع له مثله ولولا هذا الحمل لزم أن يكون الآتي بالمثل آتياً بأفضل وليس مراداً والأصل أن يستعمل أحد في النفي وواحد في الإثبات وقد يستعمل أحدهما مكان الآخر قليلاً ومنه هذا الحديث‏.‏

تنبيه‏:‏ الأفضل الإتيان بهذه الأذكار ونحوها متتابعة في الوقت الذي عين فيه وهل إذا زيد على العدد المخصوص المنصوص عليه من الشارع يحصل ذلك الثواب المرتب عليه أم لا قال بعضهم‏:‏ لا لأن لتلك الأعداد حكمة وخاصية وإن خفيت علينا لأن كلام الشارع لا يخلو عن حكمة فربما تفوت بمجاوزة ذلك العدد ألا ترى أن المفتاح إذا زيد على أسنانه لا يفتح والأصح الحصول لإتيانه بالقدر المرتب عليه الثواب فلا تكون الزيادة التي هي من جنسه مزيلة له بعد حصوله ذكره الزين العراقي وقد اختلفت الروايات في عدد الأذكار الثلاثة فورد ثلاثاً وثلاثين من كل منها وورد عشراً عشراً وسبعين سبعين ومئة مئة وغير ذلك وهذا الاختلاف يحتمل كونه صدر في أوقات متعددة أو هو وارد على التخيير أو يختلف باختلاف الأحوال‏.‏

- ‏(‏حم طب ك عن أمّ هانئ‏)‏ أخت عليّ كرم اللّه وجهه فاختة أو هند قالت‏:‏ قلت يا رسول اللّه كبر سني ورق عظمي فدلني على عمل يدخلني الجنة فذكره قال الهيثمي‏:‏ أسانيده حسنة‏.‏

4643 - ‏(‏سبع‏)‏ من الأعمال ‏(‏يجري للعبد‏)‏ أي المسلم ‏(‏أجرهن وهو في قبره بعد موته من علم‏)‏ بالتشديد والبناء للفاعل ‏(‏علماً أو أجرى نهراً أو حفر بئراً‏)‏ للسبيل ‏(‏أو غرس نخلاً‏)‏ أي لنحو تصدق بثمره بوقف أو غيره ‏(‏أو بنى مسجداً‏)‏ أي محلاً للصلاة ‏(‏أو ورّث مصحفاً‏)‏ بتشديد ورّث أي خلف لوارثه من بعده يعني ليقرأ فيه ‏(‏أو ترك ولداً يستغفر له بعد موته‏)‏ أي يطلب له من اللّه مغفرة ذنوبه قال في الفردوس‏:‏ ويروى أو كرا نهراً من كريت النهر أكريه كرياً إذا استحدثت حفره فهو مكرى قال البيهقي‏:‏ وهذا الحديث لا يخالف الحديث الصحيح إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث فقد قال فيه‏:‏ إلا من صدقة جارية، وهي تجمع ما ذكر من الزيادة‏.‏

- ‏(‏البزار‏)‏ في مسنده ‏(‏وسمويه‏)‏ وكذا أبو نعيم ‏[‏ص 88‏]‏ والديلمي كلهم ‏(‏عن أنس‏)‏ رمز المصنف لصحته وهو باطل فقد أعله الهيثمي وغيره بأن فيه محمد بن العزرمي وهو ضعيف اهـ ورواه البيهقي باللفظ المزبور عن أنس وعقبه بقوله محمد بن عبيد اللّه العزرمي ضعيف غير أنه تقدم ما يشهد لبعضه اهـ وقال المنذري‏:‏ إسناده ضعيف وقال الذهبي في كتاب الموت‏:‏ هذا حديث إسناده ضعيف‏.‏

4644 - ‏(‏سبع مواطن لا يجوز فيها الصلاة ظاهر بيت اللّه‏)‏ أي سطح الكعبة لإخلاله بالتعظيم وعدم احترامها بالاستعلاء عليها ‏(‏والمقبرة‏)‏ بتثليث الباء ‏(‏والمزبلة‏)‏ محل الزبل ومثله كل نجاسة متيقنة ‏(‏والمجزرة‏)‏ محل جزر الحيوان أي ذبحه ‏(‏والحمام‏)‏ الجديد وغيره حتى مسلخه ‏(‏وعطن الإبل‏)‏ أي المكان الذي تنحى إليه إذا شربت ليشرب غيرها فإذا اجتمعت سبقت للمرعى ‏(‏ومحجة الطريق‏)‏ بفتح الميم جادته أي وسطه ومعظمه ومذهب الشافعي أن الصلاة تكره في هذه المواضع وتصح والحديث مؤول بأن المنفي الجواز المستوي الطرفين‏.‏

- ‏(‏ه‏)‏ من حديث أبي صالح كاتب الليث عنه عن نافع ‏(‏عن ابن عمر‏)‏ قال الذهبي في التنقيح كابن الجوزي وكاتب الليث غير عمدة وقال ابن عبد الهادي‏:‏ كلهم طعن فيهم ورواه الترمذي من رواية زيد بن جبير عن داود بن حصين عن نافع عن ابن عمر بن الخطاب قال الزين العراقي‏:‏ وزيد بن جبير ضعيف وأورده في الميزان من مناكير كاتب الليث‏.‏

4645 - ‏(‏سبعة‏)‏ العدد لا مفهوم له فقد روى الإظلال لذي خصال أخر جمعها الحافظ ابن حجر في أماليه ثم أفردها بكتاب سماه معرفة الخصال الموصلة إلى الظلال ثم ألف في ذلك بعده السخاوي والمؤلف ومجموعها نحو تسعين خصلة وسبعة مبتدأ خبره ‏(‏يظلهم اللّه في ظله‏)‏ أي يدخلهم في ظل رحمته وإضافة الظل إليه تعالى إضافة تشريف كناية عن رحمة الله وهو سبحانه منزه عن الظل إذ هو من خواص الأجسام ‏(‏يوم لا ظل إلا ظله‏)‏ لا رحمة إلا رحمته وهو يوم القيامة أحدهم ‏(‏أمام‏)‏ سلطان ‏(‏عادل‏)‏ تابع لأوامر ربه أو جامع للكمالات الثلاث الحكمة والشجاعة والعفة التي هي أوساط القوى الثلاثة العقلية والغضبية والشهوية وقدمه لعموم نفعه وتعديه ‏(‏و‏)‏ الثاني من السبعة ‏(‏شاب‏)‏ خصه لكونه مظنة غلبة الشهوة وقوة الباعث على متابعة الهوى وملازمة العبادة مع ذلك أشق وأدل على غلبة التقوى ‏(‏نشأ في عبادة اللّه‏)‏ والثالث ‏(‏رجل قلبه معلق‏)‏ في رواية متعلق ‏(‏بالمسجد‏)‏ في رواية بالمساجد وفي أخرى في المساجد وحروف الجر ينوب بعضها عن بعض زاد سلمان من حبها أشار إلى طول الملازمة بقلبه وإن كان بدنه خارجاً فشبه بالشيء المعلق في المسجد كالقنديل ‏(‏إذا خرج منه حتى يعود إليه‏)‏ كنى به عن التردد إليه في جميع أوقات الصلاة فلا يصلي صلاة إلا في المسجد ولا يخرج منه إلا وهو ينتظر أخرى ليعود فيصليها فيه فهو ملازم للمسجد بقلبه فليس المراد دوام الجلوس فيه ‏(‏و‏)‏ الرابع ‏(‏رجلان تحابا‏)‏ بتشديد الموحدة وأصله تحاببا أي أحب كل منهما صاحبه ‏(‏في اللّه‏)‏ أي في طلب رضى اللّه أو لأجله لا لغرض دنيوي ‏(‏فاجتمعا على ذلك‏)‏ أي على الحب المذكور بقلوبهما ‏(‏وافترقا عليه‏)‏ أي استمرا على محبتهما لأجله تعالى حتى فرق بينهما الموت ولم يقطع تحابهما عارض دنيوي أو المراد يحفظان الحب فيه في ‏[‏ص 89‏]‏ الحضور والغيبة وعدت هذه الخصلة واحدة مع أن متعاطيها اثنان لأن المحبة لا تتم إلا منهما ‏(‏و‏)‏ الخامس ‏(‏رجل ذكر اللّه‏)‏ بلسانه أو قلبه حال كونه ‏(‏خالياً‏)‏ من الناس أو من الالتفات لما سوى اللّه المذكور وإن كان في ملأ ‏(‏ففاضت‏)‏ سالت ‏(‏عيناه‏)‏ أي الدموع من عينيه فهو مجاز كجري الميزاب زاد البيهقي من خشية اللّه وبكاؤه يكون عن خوف أو شوق أو محبة للّه ‏(‏و‏)‏ السادس ‏(‏رجل دعته‏)‏ أي طلبته ‏(‏امرأة‏)‏ إلى الزنا بها هذا هو الأظهر لا ما قيل للنكاح فخاف العجز عن حقها أو الشغل عن العبادة بالكسب لها ‏(‏ذات منصب‏)‏ بكسر الصاد أي أصل أو شرف أو حسب أو مال ‏(‏وجمال‏)‏ أي مزيد حسن ‏(‏فقال‏)‏ بلسانه زاجراً عن الفاحشة ويحتمل قلبه زجراً لنفسه ولا مانع من الجمع ‏(‏إني أخاف اللّه رب العالمين‏)‏ وخص ذات المنصب والجمال لأن الرغبة فيها أشد فالصبر عنها مع طلبها له أشق ‏(‏و‏)‏ السابع ‏(‏رجل تصدق بصدقة‏)‏ أي تطوع لأن الزكاة يسن إظهارها ‏(‏فأخفاها‏)‏ أي كتمها عن الناس ‏(‏حتى لا تعلم‏)‏ بالرفع نحو مرض فلان حتى لا يرجونه وبالنصب نحو سرت حتى لا تغيب الشمس ‏(‏شماله‏)‏ أي من بشماله ‏(‏ما تنفق يمينه‏)‏ ذكره مبالغة في الإخفاء بحيث لو كان شماله رجلاً ما علمها فهو من مجاز التنبيه وذكر الرجل فيما عدا الأول والثالث وصف طردي فالمرأة والخنثى مثله فالمراد سبعة أشخاص وتخصيص السبعة لأن الطاعة تكون بين العبد وبين اللّه وبينه وبين الخلق والأول إما أن يكون باللسان أو بالقلب أو بجميع البدن والثاني إما أن يكون عاماً وهو العدل أو خاصاً وهو إما من جهة النفس وهو التحاب أو من جهة البدن‏.‏